هُوَ ذا الإنسان ...
يتهجّى الآن المرآةَ..
يتفرّسُ صورتَهُ،
يستشعرُ شوقَه للكلمات...
هذا الإحساسُ القاهرُ بالإرهاق يُدوّخه...
تتراقصُ في عينيهِ الألوان
ما عاد يميّزُ في اللون القاني
ما بين الجرح وبين الوردة
النبضُ تراخى واندثر الإيقاع...
لا يفزعه شيءٌ...
لا يدهشه شيءٌ...
لا يضحك لا يبكي ..
وحياديٌّ جدّا...
..
يتساءل أحيانا ..
عن فجواتٍ في رؤيته
وهويّتهِ ..
والعالَم يصخبُ بالفوضى..
ويموج لهيبا...
..
من كان يُصدّق أنّ الإنسَ...
ستأكل لحم الإنسِ..
وتُلطّخ وجه التاريخ البشري ...
ونرى الشيطان بهيأته..
يتفقّد أركان الأرضِ..
بل يحكمها بالقهر الديمقراطيِّ... ؟
من كان يصدّق أن الثعلبَ...
يغدو مِطواعًا ووديعاً ،
يأمر بالحُسنى ..
ويفضّ عراكاتِ الدّيَكه ...؟
من ذا يتخيّلُ
أنّ الراعي سوفَ يصيرُ عدوّ رَعيّتهِ
فيمدّ يدا للذئب يُسالمهُ ..
ويخاتلُ فحلَ الخرفان ..؟
..
هذا زمنٌ ..
صار الإنسانُ به
في الأرض هُلاميا ..
حيثُ الفقدانُ
وحيثُ الغربة والإبهام ُ
..
هُوَ ذا الإنسان ..
يفتش مرتبكا
عن معناهُ
يتفحّص ألوان الأرضِ
ويحاول ترتيب الأصواتِ
نسي الأسماء الأولى
وعلامات الأشياء.
..
شُطِب التاريخُ وذاكرة التكوين
في لحظة سهوٍ أو ..
في غمرة فوضى ..
حين اكتملت في الإنسان البشرى
بإلاهٍ يشرح صدر الأرضِ
ويفتح مملكة الآفاق..
..
في تلك النشوة من عمر البشرية
ضاع الميزان وبوصلةُ الرّؤيا
وتداعى آدمُ منكسرا ..
بالوعي شقيا ..
مسكونا بالخطأ الأزليّ
حين التبسَ العصيانُ بشهوته الأولى
ها أنّه ثانيةً يرتدّ إلى البدءِ
لم تخدعهُ التفّاحةُ ..لا ...
بل زُلزِل فيه الإنسان ...
ها أنه يُهدِرُ وعد نبوءته
يهوي من سُلّمه
ويغادر جنّتهُ
والإرثُ دمٌ ودخان
[center][center]